رغدة وإلهام شاهين و"الشاهد"... لن يصلح "العطًار" 

2018.10.17 | 00:10 دمشق

+A
حجم الخط
-A

يتكئ نظام الأسد، في مسعاه لنشر سلسلة مزاعمه حول "سورية المعافاة"، على المزيد من الأصدقاء في عالمي الصحافة والفن، ولذلك يتم بين حين وآخر توجيه الدعوات لـ فنانات "مقاومات" من وزن إلهام شاهين ورغدة لزيارة دمشق، ويستضيف الأسد شخصيًا جورج وسوف، وتنتشر صورهما معًا، وحوار صباح المحمد، رئيس تحرير صحيفة (الشاهد) الكويتية يأتي في سياقات يسميها أحمد فهمي في (هندسة الجمهور) "الاستعانة بصديق".

الآن، وبعد زيادة الرقعة الجغرافية التي يتحكم بها الأسد، وهدوء العديد من الجبهات، أصبح الأسد بحاجة إلى أن "تعود سوريا إلى دورها المحوري" وأن "يسدل الستار على هذه الحرب الإرهابية وتتغير اللعبة السياسية"، وفق قوله لـ"الشاهد"، ولذلك كانت صحف النظام تبرز في عناوينها الجانب السياسي لا العسكري للإيحاء بالانتصار.

يحاول بشار الأسد عن طريق الظهور مع فنانين وشخصيات عامة أن يحصد بعض ما حصده كالفن كوليدج، الرئيس الأميركي الثلاثون، في عام 1924، حينما تراجعت شعبيته فأشار عليه داهية الدعاية، إدوارد بيرنز، بتوجيه دعوات إلى العشرات من نجوم السينما لزيارة البيت الأبيض ولقاء الرئيس. النتيجة كما يرويها فهمي أن جميع الصحف اهتمت بالنجوم ومن ضمنهم الرئيس الذي ارتفعت شعبيته. بشار الأسد يختلف عن كوليدج، ويفتقر إلى بيرنز، وما يريده أكثر من مجرد رفع شعبية.

استعان نظام الأسد بمذيعة درجة ثالثة (لونا الشبل)، لتنهض بأعباء تحسين قبح صورته، ولذلك تفتقت على فكرة أن يلقي خطابًا وسط مؤيديه في ساحة الأمويين، مثلما كان يفعل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، مع الفارق الثقافي لصالح الأخير.

بعد الخطاب (11/01/2012) هرع إلى سيارته مذعورًا مع مرافقته، واضطر أن يسلك طريقًا داخل حديقة قرب الساحة، وهناك التقطت موبايلات الشبان فيديوهات وصورًا للأسد المذعور. لاحقًا؛ كل الجولات والزيارات التي قام بها الأسد للمواقع "التي حررها الجيش العربي السوري"، لم تمحِ صورة الرئيس الخائف من ذاكرة معارضيه، ولم تستطع صوره الجديدة أن تحل محلها.

اعتاد النظام على تقديم رشوات بأشكال مختلفة لشخصيات عامة عربية ودولية

اعتاد النظام على تقديم رشوات بأشكال مختلفة لشخصيات عامة عربية ودولية، مثل بعض "القوميين" من الأردن وتونس والجزائر وفلسطين، و وفود برلمانية من روسيا وإيران وبلجيكا وفرنسا. لكن تلك الزيارات والظهور الإعلامي لبشار الاسد على منصات متواضعة، لم يمنحاه القدرة على رسم صورة جديدة، تختلف عن تلك التي وزعتها سانا وهو يجول في داريا المدمرة.

بعد بحبوحة التوسع في "سوريا المفيدة" لم يعد يكترث الأسد كثيرًا لوزن "الصديق". لم يعد يمتلك ترف المفاضلة بين "الأصدقاء"، لم تعد طلبات إجراء المقابلات تتراكم على طاولة مكتبه الإعلامي. الطلبات إن وجدت هي لصحف متواضعة؛ يونانية، روسية، صينية. استقبل المحمد على تواضع مطبوعته وقنواته التلفزيونية، وأغلب الظن أن رئيس التحرير لم ينتظر طويلًا للحصول على الموافقة، على عكس ما كان يحصل أيام كان الأسد يمتلك فائضًا في القوة. 

يروي الصحافي جورج مالبرونو، مراسل صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن الموافقة على إجراء مقابلة مع بشار الأسد في أيلول / سبتمبر 2013 جاءته بعد مرور عامين على تقديم الطلب.

على الأرجح سنشهد خلال الفترة المقبلة "نجومًا" جددًا يحملون رسائل بشار إلى من "يهمه الأمر" في الداخل والخارج. يمكن للنظام أن يحرز بعض التقدم، يساعده في ذلك شح رسائل المعارضة الموجهة إلى خارج دائرة الاستهلاك المحلي؛ الرأي العام الغربي الضاغط على أصحاب القرار.

يحتاج إلى أشخاص أكثر كفاءة من لونا الشبل وبثينة شعبان.

في كل الأحوال مايحتاجه بشار الأسد لإعادة تعويمه (في الخارج)، يستلزم ضخًا دعائيًا منظمًا. يحتاج إلى أشخاص أكثر كفاءة من لونا الشبل وبثينة شعبان. مشكلة نظام الأسد تكمن في الداخل، فمنه انطلقت هتافات "الشعب يريد إسقاط النظام". يمكن التفاهم والتطبيع مع الخارج بتقديم المزيد من الخدمات القذرة، لكن الداخل سيبقى عصيًا على تطويعه.

حال بشار الأسد مع أصدقائه، يجد تعبيره في قول الشاعر العراقي عبد الوهابي البياتي (قصيدة سوق القرية)، "لن يُصلح العطار ما قد أفسد الدهر الغشوم". طبعًا إن كانوا عطارين. السوريون يعرفون المثل الشعبي الذي يتعلق بالمبخّرين.